pixel
  • ملصقات أيام قرطاج السينمائية

 

الافتتاحية


محمد المديوني
رئيس الهيئة المديرة
أيام قرطاج السينمائية تعود يوم الجمعة 16 نوفمبر 2012 وتختتم يوم السبت 24 منه، فسجّل هذا الموعد حتّى لا تنســاه.

كيف لنا أن نكون في مستوى التّحدّيـــات والرّهـــانات وهذه الدورة هي أوّل دورة تُنَظّــــمُ بعد الثـــورة التونسية ؟

أيّة نِظرة ستقوم عليها برامِجُها ؟ و أيّ جديـــد سيتخلّلهـــا ؟ و أيّة آفـــاق سيُسعى إلى فتحها حتّى تكون هذه الدورة في مستوى الانتظـــارات المشروعة للجمهـــور عـــامّة ولجمهور الشّباب المتعطشين للحريّة و العدالة و الكرامة بصفة خـــاصّة ؟

ننطلق من قناعة تعتبر الثقـــافة و الفنّ في صميم شواغل اللحظة، ونذهب إلى أنّ الدّفـــاع عن الإبداع والإسهـــام في يَنَاعه أمران مُحَدِّدان لكلّ الخيـــارات الممكنة .

فمن الضروريّ، من ثمّة، أن تعمل إدارة المهرجــان على توفير ما به يلتئم شمل كلّ الفـــواعل الفـــاعلة في مجـــالات السينمـــا في بلادنا، حول تلك القنـــاعة فتُسهم كلُّ الأطراف من مختلف مواقعها و منطلقـاتها في تحقيق تطلّعـــات هذه الدورة.

ومن الطّبيعي، أن تُفعَّلَ الهيأةُ المديرةُ فتكونَ إطارا يجمع الجمعيّـــات السينمائيّة و الهيآت المهنيّة والكفاءات الوطنيّة، حتّى تكون مصدرًا للاقتراح ومجالاً للتفكير والحوار، تَرتَسِم من خلالها التوجّهـــاتُ العـــامّة والخيـــاراتُ الكبرى .

ومن الطّبيعي، كذلك، أن تكون لجنة التنظيم مُنْصِتَةَ إلى شواغل السينمائيّين وجمهور السينما ساعيةً إلى التّفــاعل معها ومع الرغبة في القطع مع سلبيّـــات الماضي.

وعلى قدر الرّهـــانات القــــائمة تتجلّى طموحـــاتنا : إنّنا نسعى إلى إنجـــاز برنـــامج استثنائي في دورة استثنائية.

مهرجان أيـــّام قرطاج السينمـــائيّة مكسبٌ وطنيٌّ ثمين، هو أوّل مهرجان دولي في البلدان العربية والإفريقية وهو الوحيد الذي استمرَّت دوراته بانتظام منذ 1966؛ علينا جميعا أن نحـــافظ عليه وأن نُسهم في تطويره ترسيخا لمنجزاته وتحقيـــقا لمزيد من الإشعـــاع الثقافي لبلادنـــا. و لئن كان ذلك رهينًا بالبحث في ما تحقّق في كلّ الدورات السّـــابقة والاستفـــادة من تراكم التجربة، فإنّـــه من الضروريّ العودة إلى المبــادئ المؤسّسة لهذا المهرجان وتنزيلها في الواقع المتحوّل الجديد الذي عرفه العالم والذي عرفته السينما والفنون السمعية والبصرية عمومًا.

وتتمثل المبادئ المؤسِّسة في البحث عن المسالك البديلة التي يمكن أن تسمح للعرب وللأفارقة (وبصورة أعمّ لبلدان "العالم الثالث" بتعبير ذلك العصر) بإقامة سينماءاتهم الوطنية وإنتاج صورهم وإيصالها إلى شعوبهم دُونما قطع مع العالم ولا مع ثقافات الشعوب الأخرى وتُمَكِّنهم، كذلك، من التحكّم في مسالك التوزيع القائمة في بلدانهم فذلك هو أحد الرهانات الجوهرية حسب تعبير الطاهر الشريعة (شاشات الوَفْرة أو سينما التحرُّر في إفريقيا، ص 9 ؛ 167)، ولا تبدو هذه المبادئ المؤسِّسة للمهرجان قد فقدت شيئا كبيرا من مصداقيتها ولا من مشروعيتها، ولكن السياق الذي تنزّلت فيه تلك المبادئ عندما بعث هذا المهرجان لم يعد ذات السياق: العولمة وامتداداتها الاقتصادية والسياسية والثقافية، الطفرة السمعية البصرية والثورة الرقمية وتجلياتها في التكنولوجيات الحديثة أثّرت كلُّها تأثيرا شديدا في مسارات إنتاج الأعمال السينمائية وتوزيعها وعرضها.

من السذاجة بل ومن الادعاء أن يظن المرء أنّ دورةً واحدة من دورات هذا المهرجان قادرة وحدَها علي تغيير المعطيات تغييرا جذريا، إلا أن قناعتنا راسخة بأنّه بالإمكان بل من الضروري وضع اللبنات التي يمكن أن يقوم عليها مسارٌ يسمح بإحداث ذلك التغيير، وعلى الأطراف الفاعلة القائمة منها والآتية أن تنجزه وتذهب فيه بعيدًا.

مهرجان السينما هو قبل كل شيء أفلام تُعرض وجمهورٌ يشاهد، وبقدر إقبال الجمهور على المعروض من الأفلام تقاس درجة النجاح والفشل، وهو، كذلك، موعدٌ للقاء والاكتشاف وإطار لتبادل التجارب وبناء المشاريع الفردية والجماعية وهو فرصة للخوض في قضايا السينما ومؤسّساته. وبقدر اتساع آفاق هذه اللقاءات وارتباطها بالجوهري من القضايا وبقدر توفير ما به تتحقق أهدافها تقاس، كذلك، درجة نجاح المهرجان أو فشله.

سيلتقي جمهور أيام قرطاج السينمائية بأهم ما أنجز من الأفلام خلال الموسمين الأخيرين في البلدان العربية والإفريقية أوّلا وفي بقية بلدان العالم ثانيا. وسيكون للزخم الحاصل في السينما الشابة صداه في برنامج هذه الدورة وسيكون للشباب و نتاجاتهم موقع أثير فيه. و ما هو مؤكّد هو أنّ الشباب سيكون قلب هذه الدورة النابض .

برنامج هذه الدورة أردناه طموحا ومتناغما مع التطلعات التي عبّرت عنه المبادئ المؤسسة للمهرجان متفاعلا مع المتغيرات الحاصلة في المجال، سيتم الإعلان عن تفاصيله في الإبّان.

محمد المديوني
رئيس الهيئة المديرة