Walid Mattar
فيلم «تنديد» يصور من خلال حياة القهوة (التي رُمز بها إلى المجتمع التونسي) في إحدى الأحياء الشعبية في العاصمة التونسية، تقلب اهتمامات ومشاعر الناس وارتباطها وتأثرها بما تعكسه التلفزة من أحداث في العالم.
أثناء سرد هذه الحكاية لم يبتعد الفيلم عن محاولة إقامة بعض المقارنات والتقسيمات والتصنيفات داخل المجتمع التونسي والحكم عليها.
كل هذا نراه في الفيلم من خلال اهتمام كل تلك الفئات أو الأصناف من المجتمع التونسي بقضايا سياسية أو دينية عامة، ونقول «عامة» لأننا لم نلاحظ في الفيلم انتقادا من لدن هؤلاء الشباب لواقعهم السياسي في بلادهم، رغم أنه ربما يكون السبب الرئيسي، في الواقع، الذي يقف وراء ظهور عديد الفئات السياسية -وحتى الدينية- الإحتجاجية. المخرج اختار عدم خوض أبطاله في مسألة السياسة الداخلية…
فنيا انحصر تصوير كل مشاهد الفيلم حول فضاء القهوة، داخله أو في مداه الخارجي المباشر، ورغم هذا الاختصار فقد نجح الفيلم في تصوير كل الأفكار التي ذكرنا بوضوح كاف، بالنسبة للكاميرا ربما كانت ثابتة في جل اللقطات، إلا في لقطة واحدة حيث تحركت قليلا وعلى استحياء، حين تصوير قدوم شاحنة الزبالة القديمة ونزول ذلك العامل الشيخ منها وإلقائه نظرة على البقايا.
على مستوى الصوت لم يعتمد الفيلم مثل كثير من الأفلام التونسية على الموسيقى التصويرية بل اعتمد كلية على صوت المكان من خلال المؤثرات الصوتية، ففي الداخل كانت هناك الأصوات التي نجدها في المقاهي عموما حيث صوت بث بعض المباريات أو نقل بعض الأحداث السياسية وتفاعل الجمهور معها ، في آخر الفيلم كان الصوت الذي أحدثه ذلك الصبي الراجع من المدرسة وقد أخذ مكان السائق على الشاحنة وهو يقلد بفمه صوت المحرك هو صوت نهاية الفيلم حتى أثناء الجينيريك.
على مستوى الحوار كان الفيلم جيدا وقريبا جدا من الواقع وذلك من خلال تماشيه مع وعي واهتمامات كل فئة من أولئك المتخاطبين المختلفين، وفي هذا الإطار نشير إلى جمالية عدم المبالغة في طرح القضايا من خلال إطالة الحوار.
في الختام نقول أن فيلم وليد مطر، ورغم بساطة فكرته ومحدودية إطاره المشهدي بالنسبة لحياة الناس في المجتمع التونسي، قد نجح في تصوير الواقع الاجتماعي والنفسي لفئات غير قليلة من هذا المجتمع. وربما كان لاختيار فضاء القهوة الحيوي والمحوري في حياة أغلب الفئات في المجتمع التونسي وخاصة المهمشين منهم، وهم كثر، والأداء التمثيلي التلقائي والحرفي الذي اضطلع به جل ممثلي الفيلم دورا كبيرا في المساهمة في نجاح فيلم «التنديد».
محسن الهذيلي
(Extraits)
Visionary FX