كل عام، تعيد قرطاج للمحترفين ابتكار ذاتها دون أن تتخلى عما يشكل جوهر وجودها من مرافقة الأعمال والممارسات الفنية والنظرات المختلفة. ويأتي عام 2025 ليواصل هذه الحركة المتوترة بين الإلحاح والاستمرارية. نستقبل السينمائيين في سياق صعب، يثقله الكثير من الشكوك. لكن السينما، في مثل هذه اللحظات تحديدا، تصبح أكثر من مجرد سينما، بل فضاء للفهم والخلق والتذكر والمقاومة. تضع هذه الدورة في مركزها مبدأ طالما دافـعـت عنـه أيـام قرطاج السينمائية؛ وهو الصوت المتغرّد، لا المنتج المعلب، ولا العمل المصمم وفق قوالب المنصّات، بل الفنان وحده في قلب الموازنة، وفى وجه فيلمه ولغته وبلده وقلقه وحكايته. تلك هي قرطاج للمحترفين. عبر "تكميل" التى تُصقل فيها الأفلام المنجزة، و "شبكة" أين تتشكّل مشاريع الغد، نرافق أعمـالا إفريقية وعربية تروي عوالمها بدقة وشجاعة وشاعرية؛ أفلاما تسائل معنى أن نعيش وأن نحـب وأن نقاوم وأن نحكي وأن نتذكر. هذه الأفلام ليست مدعاة للاستهلاك فحسب، بـل للتلاقي. تواصل قرطاج للمحترفين هذا العام دورها كمنصة، لتجمع المنتجين وصناديق الدعم والموزعين والمؤسسات في جلسات نقاش تفتح فضاء مشتركا حقيقيا للتبادل والإصغاء. تتشكل المشاريع معا في هذا القضاء، بقدر من البراغماتية وبالجرأة والطموح في آن كل هذا من أجل هدف واضح وهو أن تتواجد هذه الأفلام وأن تنتقل وأن تلتقي جمهورها عبر الحدود. نؤمن بإمكانية تطوير التعاون جنوب-جنوب، وبقوة الذكاء الجماعي، وبأهمية نقل المعرفة. ولهذا يستضيف برنامج قرطاج محاضرة رئيسية لأحمد عاطف الدرّة بعنوان: «اكتشف صوتك: سر الحكاية والحكائين» دعوة موجهة إلى السينمائيين الشباب كي لا يقلّدوا أحدا سوى أنفسهم، وحتى لا يستعير أحدهم صوت غيره ويعثر على صوته الخاص. وللسنة الثانيـة على التوالى، يرسّخ فضاء الواقع الافتراضي والواقع الممتد حضـور أيام قرطاج السينمائية في قلب الممارسة المعاصرة، حيث تستكشف أشكال سردية جديدة الواقع بطـرق مختلفة. ما نريد الاحتفاء به هنا ليس ،الأرقام ولا الأسواق، ولا الاتجاهات. نريد الاحتفاء بسينمائيين ينظرون إلى العالم صوب عينيه. قرطاج للمحترفين مكان للعمل وللعرض وللتوتر أحيانا وللتشبيك وللدعم دائما. ورشاتنا، وموائدنا المستديرة، ولقاءاتنا، تدور حول طموح واحد ، أن توجد الأفلام وأن تُروى الحكايات، وأن ترتفع الأصوات. وسط ظروف تدعو إلى الصمت نختار طريق السينما. مرحبا بكم