تقترح مجموعة أفلام الفيديو الوثائقي المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسميّة لأيّام قرطاج السينمائيّة 16 شريطا وثائقيا طويلا و12 شريطا قصيرا أغلبها روائي وفي علاقة مباشرة بالواقع العربي والإفريقي اليوم. كما تتطرّق هذه الأفلام وبصفة ذاتيّة للأحداث والنزاعات والمشاكل الّتي تعيشها المنطقة.

ولقد حرصنا على توفير الإمكانيّة لرؤية أعمال أقليّة ضاعت وجهات نظرهم خضم المزيج المعقّد للصور التلفزيونيّة.

إنّنا نقترح خطابا واضحا تكون فيها النزاهة الفكريّة حجرَ الزاوية للتفكير المتبصّر والقطعي إزاء الغموض الّذي تمارسه وسائل الإعلام.

مقياسنا الأساسي في اختيار الأعمال هو مدى التزام مؤلفيها بتقديم محيطهم الخاص من خلال نظرة إنسانية وإحساس فنّي مجازف.

سنجد أنفسنا أمام إبداعات بالمعنى القوي للكلمة وهذا بالتحديد المفهوم الّذي أردنا ردّ الاعتبار إليه وذلك بإعداد برنامج متجانس ليشتمل على أفلام ذات طابع مقاوم.

تلتقي هذه الأفلام الوثائقيّة الّتي لا تخضع للإمكانيات التقنيّة والماليّة وصوّرت بإمكانيات متواضعة كي لا نقول معدومة في نقطة واحدة وهي تأكيدها على أهميّة أن تؤدّي شهادتها مع ضرورة التواصل وواجب التبليغ متفادية كل الطرق الملتوية.

إنّها بمثابة أمثلة استطاعت أن تتحقّق في ظروف لا يزال فيها الوثائقي مهمشا من طرف النظام الاقتصادي وآداة للدعاية السياسيّة.

تثبت هذه الأفلام المنتقاة المستوى الجيّد الّذي بلغته الأفلام الوثائقيّة في المنطقة، وتحاول إذكاء روح المنافسة الشريفة وتجاوز الذاتي لإعطاء الفيديو الفرصة كي يؤدي رسالته النبيلة.

كما نودّ التأكيد على أنّ الفيديو ليس بالحل السهل الّذي بإمكانه أن يؤدّي إلى أعمال دون المستوى، بل بالعكس هو بمثابة منجم خام يدعو إلى الحفر فيه، وفرصة ثمينة لمبدعين يرفضون الحلول السهلى ويجيدون استغلال التطوّر التكنولوجي. سنلاحظ في هذه الأفلام المختارة عددا هاما من الأشرطة النسائيّة، وهي بالنسبة لنا طريقة للتأكيد على التكافؤ بين الجنسين ستفرض نفسها من هنا فصاعدا وبصفة طبيعيّة على الوثائقي الإبداعي، فهذا النوع من الإبداع يحسّس في عمقه بمفهوم المواطنة ويطمح قبل كل شيء إلى التعبير الديمقراطي.